المرأة في الجزيرة العربية قبل الإسلام
نادراً ما تُذكر النساء في "أيام العرب"، ذلك القسم من الأدب العربي الَّذي يتعامل وحروب البدو في الجاهلية. هذا القسم من الأدب العربي القديم مكرَّس بأكمله للرجل وبطولاته ومغامراته في الحرب. فيروي العرب في مجالسهم قصص أمجاد أسلافهم، ويحتفلون بغارات قبائلهم الشجاعة في العصور الغابرة، ويُفاخرون ببطولات أبطالهم في قبائلهم. تقدم لنا رسائل جيرترود بيل دليلاً وافياً على أن هذا النوع من الترفيه لا يزال قائماً ويزدهر في العصر الحديث. تخبرنا الآنسة بيل أن رفاقها العرب في أثناء رحلاتها، قد تناقلوا حكايات الغزوات الَّتي حدثت في الأيام الغابرة، في حين كانوا هم أنفسهم يخشون أن تقبض عليهم عصابة معادية. وهكذا يمكننا أن نكتشف في روايات العرب في القرن العشرين المزيج نفسه من التفاخر ببطولات إخوانهم مع الخوف من التورط في غزوات ليلية، وهو مزيج يشابه المزيج الَّذي نلاحظه في قصص العرب وحروبهم في الجاهلية.
وكما هو متوقع، فإن المرأة لا تقف في الصفوف الأولى في أثناء الغارات، ولا تُذكر في قصصها. إن الغارات، والحروب، والنهب والسلب، وأسر الأعداء أو قتلهم أمور تخص الرجال فقط، ونادراً ما تُتاح للمرأة فرصة المشاركة بنشاطٍ فيها، كما حصل في معركة ذي قار مثلاً؛ إذْ حرَّضت النساء المحاربين بصيحات التشجيع، أو أحضرت الطعام والشراب لهم، أو ضمَّدت جراحهم. ومع ذلك، فإننا نجد ذكر النساء في روايات "أيام العرب" في "زمن الجاهلية"، كما سيتضح في سياق هذه الأطروحة، ومهمة هذه الأطروحة هي إبراز الدور الَّذي قامت به المرأة العربية في حروب قبيلتها، ومن ثمَّة توضيح مرحلةٍ واحدةٍ من حياتها.
لا يوجد مراجعات