صور من الذاكرة
خرجت من السجن في سبتمبر سنة ١٩١٨ بعد أن اتضح أن الحرب منتهية بعد قليل. وكنت، كما فعل كثير غيري، آمالا على ولسن ونقطه الأربع عشرة وعصبة أممه. وجاءات نهاية الحرب سريعة ومسرحية لدرجة لم تمكن أحدًا من أن يكيف مشاعره للظروف المتغيرة. فقد علمت في صباح الحادي عشر من نوفمبر قبل بقية الأمة ببضع ساعات أن الهدنة قادمة، فخرجت إلى الشارع وأخبرت جنديًّا بلجيكيًّا بالخبر فقال: “الله، هذا جميل” ودخلت محل لبيع التبغ وأخبرت للبائعة، فقالت: “إني مسرورة لهذا إذ نستطيع الآن أن نتخلص من الأسرى الألمان.” فلما أعلنت الهدنة فعلًا في الساعة الحادية عشرة كنت في شارع توتنهام كورت، وفي ظرف دقيقتين اثنتين كان كل الناس قد بارحوا دكاكينهم ومكاتبهم إلى الطريق وراحوا يوجهون الحافلات إلى حيث يهوون. وقد رأيت رجلًا وامرأة غريبين أحدهما عن الآخر تمامًا يتلاقيان في وسط الطريق ويقبل أحدهما الآخر وهما يعبران الطريق.
لقد فرح الجمهور وفرحت أنا أيضًا، غير أنني كنت ما أزال معزولًا عن الجميع.
لا يوجد مراجعات