الإنسان الحديث في البحث عن الروح
يعلمنا علم النفس أنه، بمعنى ما، لا يوجد فى النفس شىء قديم، وأن لا شىء يمكن فعليا أن يتلاشى نهائيا، فى الواقع.
ومن يحمى نفسه ضد ما هو جديد وغريب وينكفىئ الى الماضى، يقع فى نفس الحالة العصابية، كالذى يربط نفسه بالجديد ويهرب من الماضى.
والفرق الوحيد بينهما أن أحدهما قد فصل نفسه عن الماضي، والأخر عن المستقبل.
إنهما يستعيدان حالة ضيقة من الوعي. والبديل هو كسر هذه الحالة بواسطة التوتر الكامن فى لعبة الأضداد وذالك لبناء حالة من الوعى أوسع و أرقى.
لحسن الحظ، أننا بشر ولسنا شموسا تطلع و تغيب، و إلا لكان لذلك تأثير سيء على قيمنا الثقافية. غير أن شيئا ما ضمننا يشبه الشمس، فالكلام عن صباح وربيع، وعن مساء وخريف، ليس مجرد مفردات تخصصية عاطفية.
إننا بهذا لا نعبر عن حقيقة سيكولوجية وحسب، وإنما عن حقائق فيزيولوجية أيضا. ذلك لأن الانقلاب عند الظهير يغير حتى من الصفات الجسمانية، بصورة خاصة عند شعوب الجنوب إذ يمكن للمرء أن يلاحظ أن النساء الأكبر سنا يصبح صوتهن أخشن وأعمق، و تظهر لهن شوارب ابتدائية، و تقسو ملامح وجوههن، و تظهر عليهن سمات ذكورة اخرى.
ومن الناحية الأخرى، فإن بنية الجسم المذكرة تصبح مخققة بالملامح الأنثوية كالسمنة ونعومة قسمات الوجه.
اقتباسات من كتاب « الإنسان الحديث في البحث عن الروح» لكارل غوستاف يونغ
صحيح أن الإنسان الحديث هو المحصلة الأخيرة لتطور قديم، ولكن غدًا سوف يتم تجاوزه، وصحيح أنه المنتج النهائي لما سبقه من تطور، إلا أنه في الوقت نفسه أسوأ من خيّب آمال البشرية.
هل نضلل أنفسنا باعتقادنا أننا نملك نفوسنا ونتحكم فيها؟ هل هذا الذي يسميه العلم باسم «النفس» ليس سوى علامة استفهام محصورة في نطاق الجمجمة بصورة اعتباطية، بل هو باب مفتوح على عالم الإنسان من عالم آخر، يسمح حينا بعد آخر لقوى كامنة غريبة لا يمكن حجزها بأن تؤثر في الإنسان، وتزيحه كما لو أنها تحمله على أجنحة الليل عن مستوى البشرية العامية وتنقله إلى مستوى أكثر ازدحاما بالهموم الشخصية؟
الأنا هي مكان المخاوف كما يقول فرويد في كتابه الأنا والهوية، لكنها تبقى كذلك طالما لم تعد إلى «الأب» و«الأم». إن فرويد يتحطم على سؤال نيقوديموس: هل بإمكان الإنسان أن يدخل رحم أمه مرة ثانية ويولد ثانية؟
إن العُقد لا تشير إلى نقص بالضرورة.. ا المعنى تكون العُقد مواقع بؤرية أو شبكية في الحياة النفسية ربما لا نود التخلي عنها. وفي الحقيقة لا يجب الافتقار إلى العُقد النفسية، لأن النشاط النفسي ربما يدخل في سكونية قاتلة.
لا يوجد مراجعات