لا موسيقى في الأحمدي
يفرغ والدي وقته وتعبه في البحر بعيدًا عن رائحة النفط وحبات الرمل التي كثيرًا ما دخلت عينيه حتى صار يرتدي النظارة السوداء. يشتاق أن يطفئ حر الصحراء في برودة الماء، وطوال يومين يظل ناقعًا في الملح وحوله إخواني وأخواتي وزوجتاه وجدي الذي ينشغل بتعليم أحفاده السباحة، ولا يخرج من البحر حتى يؤمن غداء الغد بوجبة كبيرة من سمك الحمام الذي كان يطير أمامنا ويعود ليغوص مجدداً، تتخبط أسرابه طريقها تحت أقدامنا، يسحب شبكة الصيد ثم يزمها، تصغر ينتفض السمك بداخلها، يخرج جدي من الماء كمارد بطوله الفارع إلى البيت، وتخرج معه زوجة أبي حصة لتحضر له القهوة والشاي، وتبخر غرفتها استقبالًا لوالدي الذي كان ينام عندها يومي العطلة لأنه طوال الأسبوع بعيد عنها في بيتنا بالأحمدي، تضج رائحة بخورها وخمرية شعرها في المكان، يلسع دبور الغيرة قلب الوالدة، حين كبر إخوتي انقطعت عادة المبيت وتحررت أمي جليلة من قهر روتينه.
لا يوجد مراجعات