رجل الذكرى
بعد مرور أربعة عقود على إصدارها أول مرة يعيد المفكر المغربي عبد الله العروي نشر (رجل الذكرى) برؤية جديدة جاءت على شكل (حوار مسرحي)، ولكن من هو رجل الذكرى؟ ويجيب العروي في تقديمه للكتاب: "طبعاً هو القاص، الحافظ، المذكر، المنذر، في حلّتيْه القديمة والحديثة. لكن كل واحد منا قاص، ولو في جانب واحد من تفكيره، وتصرفاته ...".
ولأن لنصوص عبد الله العروّي وصفها الخاص، ولذتها التي لا يمكن أن تفسد، ومتعة لا نكتشفها إلا بالقراءة، فهو يدفع بخطابه الإبداعي إلى قارىء اليوم كفاتحة عبور إلى عوالم متقاطعة، فاتحة رحلة إلى عتبات ماضِ، وأخرى تفتح المدى على البدايات ورحلة التحولات. "يقول عباس لعمر، أي يقول المؤلف لظلّه" لماذا تحكم على القاص بالإندثار؟ فيرد عمر، أي المؤلف: بل هو الذي حكم على نفسه".
يقول العروي: هذه هي القطيعة التي أطلت في شأنها الكلام وقلت إنها مقدمة ضرورية لكل إصلاح (أي ثورة) يتوخى التغيير لا الترميم – ويتابع – قيل إن القطيعة أمر مستحيل وإن المؤرخ، وهو بالتعريف المؤتمن على إرث الماضي، يناقض نفسه إذ يقول بها ... "يلاحظ عمر على المسرح (النص مسرح ضمن مسرح) أن استلهام الماضي لا يستقيم. لا يحكم على الماضي الماضي بل على الماضي الحاضر أو المستحضر".
وفي النص: يسجل عمر انحلال علاقته بماضيه كما يسجل عجزه عن ربط علاقة قوية جديدة مع الحاضر كما تمثله سونيا عشيقته من جهة وكما يمثله سام صديقه من جهة ثانية. فيواجه وحيداً أعزل المستقبل الغامض، ومن وراء المستقبل الزمن المتحكم في كل شيء: "وأنت أيها الملك العاتي، أرفق بنا واجعل من كلامنا هذا لغواً لا يتجدد". هل جاد علينا الزمن ببعض النسيان؟ هل توقف هذياننا أم تواصل وتجدد؟
هذا سؤال المؤلف لقارىء اليوم.
لا يوجد مراجعات