الطريق الرابع

يكشف هذا الكتاب عن جوهر التعاليم التي قدّمها جورج غوردجييف، ويعيد أوزبينسكي صياغتها في منهج متدرج، يكشف للقارئ كيف يمكنه السير نحو الوعي العميق. يطرح أوزبينسكي رؤية تشبيهية للإنسان، فهو كمن يمتلك قصرًا فخمًا متعدد الحجرات، لكنه لا يستخدم منه سوى القبو والمطبخ، غير مدرك لاتساع عالمه الداخلي.

الطريق الرابع ليس دربًا تقليديًا للروحانية، بل هو طريق الوعي وسط الحياة، حيث يبدأ السالك بملاحظة ذاته، وتفكيك أوهامه، وفهم أنه ليس «أنا» واحدة بل أنوات متعددة تتغير باستمرار. الوعي الحقيقي لا يبدأ من القاع، بل من لحظة إدراك أن الإنسان غارق في غفلة. هنا، يبرز التمييز بين الجوهر، وهو ما وُلد مع الإنسان، والشخصية، وهي ما تشكل عبر الخبرات المكتسبة. فإن طغت الشخصية على الجوهر، أصبح التطور مستحيلًا، لأن النمو الحقيقي لا يحدث إلا عندما يستعيد الجوهر مكانه.

يستعرض الكتاب الطرق الروحية الثلاث التي سلكها البشر منذ القدم، ليقودنا بعد ذلك إلى الطريق الرابع—الطريق الذي لا يتطلب العزلة أو التقشف، بل يُمارَس وسط الحياة اليومية، حيث يصبح العمل على الذات ممارسة حية، تناغمًا بين الفكر والتجربة.