النضال اللاعنفي

شير الدراسات والإحصاءات إلى أن نجاح الصراعات العنيفة يستغرق ثمان سنوات في المتوسط لتحقيق أهدافها، في حين أنّ النضالات اللاعنفية الناجحة تستغرق ما متوسطه سنتين فقط. 28% من البلدان التي شهدت تحولّاً سياسياً لاعنفياً تعرضت لحرب أهلية خلال عشرة أعوام، في المقابل 42% من البلدان التي حدث فيها تحوّل سياسي عن طريق العنف شهدت اندلاع حرب أهلية في غضون عقد من الزمان. 66% من التحولات التي حدثت بطريقة لاعنفية كانت قادرة على ترسيخ الديمقراطية، بينما 20% فقط من الأنظمة التي نشأت من خلال العنف نجحت في ترسيخ الديمقراطية. هذه الإحصاءات والدراسات المقارنة كانت المرحلة الأخيرة في تطور دراسات اللاعنف والتي ابتدأت مع غاندي وأُسس اللاعنف المبدئي، وتطورت مع جين شارب وقواعد العمل اللاعنفي العملي القائم على تقويض أسس السلطة السياسية، وصولاً إلى مرحلة الدراسات التجريبية المقارنة. ما يوضحه هذا الكتاب هو أن اللاعنف ليس سلبية، ولا مواجهة الدبابة والبندقية بالورود، اللاعنف تخطيط وتحضير ونشاط دائم لتهيئة الكوادر والمجتمع من خلال فهم شامل لعوامل القوة والضعف، ومن خلال استراتيجيات تحلل السياقات السياسية والأمنية والاجتماعية والثقافية والتاريخية والدولية، وتعمل على إشراك أكبر قدر من الفاعلين في المجتمع من دون إقصاء أو استثناء. باختصار، تسعى المقاومة المدنية إلى تفعيل القوى الكامنة في المجتمع والأفراد، ولا تعمل على تعطيل القوى الفاعلة.

يشكّل هذا الكتاب خلاصة دراسات اللاعنف من خلال المفاهيم والنظريات والمصطلحات الأساسية والتجارب العملية ومناقشة النتائج التجريبية وتقدير الفجوات التي ما زالت بحاجة إلى المزيد من الدراسة والتطوير والبحث. إضافة إلى ذلك فإن مصادر هذا الكتاب ومراجعه تُشكّل موسوعة تشمل تقريباً معظم ما كُتب حول مواضيع هذا الحقل.