الحنين إلى أسوأ حديقة حيوان في العالم
هذا كتابٌ يمكن أن يصاحبك في رحلةٍ على مسار الزمن ومفترقاتٍ طْرْقه، صديقٌ عميقٌ وخفيفُ الظَّلّ في آنٍ، يحكي عن فرقة رضا وريًّا وسكينة، يحدثك عن "أبو عيون جريئة" ويأخذك إلى مطار نيرودا، ثم لن ينساك من قراءةٍ في رسائل بريدية إلى العزيزة فلسطين.
في الظاهر، قد يبدو أن الموضوعات التي يضمُّها هذا الكتاب لا يجمعْها جامعٌ، لكن لا تستسلم للانطباع الأول، فالرابط بينها أعمَق وأكثر من غلاقَيْه.
هذا هو العمل الثاني الذي يصدر لشادي لويس ويجمع أفكار مُتنوَّعة، والخامس في مُجمَل إصداراته بالعربية، وفيه يوظّف الروائي والصحفي المصري التاريخ الثقافي للحداثة كأداة تأمل وتفكير في الراهن، ناقلًا هذا التاريخ إلى المركز عبر تناول نماذج محددة من السينما والأدب والرقص والفنون على اختلافها. تقدم كُلُّ فكرة فرصة للتعامل مع قضايا أكثر تعقيدًا، فهذه المجموعة إذا ما نظرنا إليها ككُلّ، تمنح مَنْ يقرؤُها مفاتيحَ فهم للمجالات التقليدية والأيقونات الثقافية المُكرَّس منها والمَنسيّ، ويمكن الانطلاق منها لتأمُّلِ لحظاتٍ من التاريخ السياسي والاقتصادي والأدبي. كما أنها تتعالقُ مع الكثير ممَّا نفهمه الآن على أنه تاريخ اجتماعي، وليس أدق من وصف الكاتب نفسه لها في المقدمة بأنها "تواريخ غرضُها تفكيك الأساطير المُؤسَّسة لحدائتنا وأيقوناتنا الوطنية".
هنا نقرأ موضوعًا عن ارتباط الرقص الشعبي بتحوّلات سياسية كبرى في مصر، وهناك موضوع عن بدء القصف الجوي في تاريخ الحروب، وآخر عن التعصُّب عبر قراءة فيلم هندي، وموضوع يقرأ تأثير السينما والموسيقى المصرية في نظيرتها التركية، وذاك يعيد التفكير في معنى الخيال العلمي. في هذا الكتاب موضوعات تعكس اهتماماتِ الكاتبِ العديدة والمُتنوّعة، وتغطي نطاقًا واسعًا من الموضوعات والجغرافيَّات والتسلسلاتُ الزمنيَّة بتدفقٍ سَلِسٍ وغنيّ وممتع يُثري قارئه.
لا يوجد مراجعات