مساهمة العرب في تطوّر المعرفة العلمية
مع تقدُّم الدراسات الفلسفية والعلمية حول تاريخ العلوم، يثبت أكثـر فأكثر دور العرب فـي تأسيس علـوم أساسية وإنتاجها، أبرزها علم الرياضيات – أو بعض فروع هذا العلم على الأقل – الذي نشأ في بيئة مجتمعية وثقافية وعلمية وفرتها الدولة الإسلامية في القرون الوسطى التي مثّلت دائرة استقطاب للفلاسفة والعلماء من مختلف حضارات الشرق التـي بلغها الإسلام.
يستهل المؤلّف كتابه هذا بعرضٍ موسَّع عن مفهوم «تاريخ الرياضيات» ودواعي الاهتمام به، وكيف أدّت بحوث بعض المؤرخين في هذا المجال إلى الوقوف على ضعف الأطروحة التـي كان أسلافهم يتبنّوْنها حول كيفية تطوّر هذا العلم، وإلى مراجعة هذه الأطروحة والإقرار بدور علماء الحضارة العربية الإسلامية في تطوير وإثراء بعض فصول الرياضيات وفي ابتكار أبواب أخرى في هذا العلم. ثم يتناول الكتاب أهم إسهامات الحضارة العربية الإسلامية في هذا العلم، فيعرض بإسهاب «الحساب التوافيقـي» و«الجبر» من حيث هما مثالان لما استحدثه رياضيو الحضارة الإسلامية، ويبحث في «المثلثات العددية» و«رياضيـات المتناهيات في الصغر» من منطلق أنهما مثالان لما قدمته الحضارة العربية الإسلامية من إضافات على مستوى المحتوى والمنهجية. وقد اعتمد صاحب الكتاب مراجعَ محكّمة في بحثه هذا، مثَّل ما نشره مركز دراسات الوحدة العربية من أعمال لرشدي راشد أهم روافدها.
يجد القارئ في هذا الكتاب الكثير من نقاط الارتكاز المدعّمة بمراجعها ويلمس ثراء مساهمة الحضارات السابقة في بناء التراث العلمي الإنساني وما سيتيحه انكشاف الحلقات المفقودة من فهم صحيح لمختلف التطورات التي مرّت بها الكثير من المفاهيم التي ما زالت بلا تفسير وتنسب إلى غير أصحابها.
لا يوجد مراجعات