اعترافات شهرزاد
مجموعة قصصية تسلط الضوء الناقد على مشاكل مجتمعنا الناجمة عن ذكوريّة متجذّرة، مدعومة من المؤسّسات الدنيويّة والدينيّة، التي تمنع ارتقاءه فكريًّا وحضاريًّا – حيث المقصود هنا هو الارتقاء كجماعة وليس فُرادى. وإن كانت القصص لا يدخل فيها عامل الاحتلال وتأثيراته، لكنّنا متأكّدون من أنّ د. كناعنة لم ولا يغفل هذا الأمر (وقد كتب الكثير فيه)، بل يقصد أن يركّز في القضايا التي تتناولها قصصه على "ساحاتنا الداخليّة"، مطالبًا بأن نقوم بأنفسنا بالتحرّر ممّا نعانيه من جرّاء الذكوريّة المتفشيّة تحت الجلد، ومن شدّة تكبيلها وإحباطها لحرّيّة أفراد المجتمع الفكريّة والنفسيّة، وبشكل خاصّ وبارز، من قهرها واضطهادها للمرأة.
تتطرّق القصص إلى أشكال التحكّم وتقييد الحرّيّات من مختلف الجهات: العائلة، البيئة، الدين، وكذلك الأدبيّات المتوارثة التي لا تزال تحظى بإعجاب "المثقّفين" و"المثقّفات" وبدراسات تبجّلها ولا تُعمِل النقد عليها، عن وعي أو غير وعي، مؤدّية إلى تقديس وتعزيز هذا النظام الذكوريّ القائم بكلّ تجلّياته. وتتعدّد الوجهات التي ينظر من خلالها الكاتب إلى بيت القصيد، عبر الشخصيّات المختلفة، وإلى ما ينبغي أن يتغيّر؛ فيصوغ قصصًا مشوّقة بأحداثها وتفاصيلها، يشابك فيها بين الحياتيّ والحكاياتيّ، مسخِّرًا الفلسفة والتاريخ والأساطير، وحتّى أنّه "يتعدّى" على أدوار شخصيّات تاريخيّة ويغيّر فيها. فيستحضر، على سبيل المثال، شهرزاد بطلة ألف ليلة وليلة، ويُلبسها دورًا أوسع ذا رسالة أعمق وأبعد من دورها التقليديّ، قافزة بذكائها وحكمتها فوق قرون من الزمن، فتتوافق "اعترافاتها" ونداءاتها مع سائر الاعترافات والنداءات التي يريد لنا الكاتب أن نسمعها بوضوح وجلاء.
لا يوجد مراجعات