كتاب المتين
يمثل وثيقة أندلسية مهمة ، وشهادة بديعة، لعصر مضطرب وسنوات صعبة، مرت بها البلاد، وتركت تأثيرها على ما تلا ذلك من سنوات وعهود . وبين الأندلس ومؤلف الكتاب ابن حيان القرطبي ( 377 - 469 هـ / 987 - 1076 م) ارتباط وثيق، وصلة عميقة ، ليس على مستوى المكان والزمان الذي جمعها سوية فحسب، وإنها في شكل المصير الذي آلت إليه البلاد من جهة ، وتراث المؤرخ الكبير من جهة أخرى. وليس من المبالغة القول ان ما وقع لمؤلفات ابن حيان ، مؤرخ الأندلس الأول وحامل لواء التاريخ ومتقلد امارته في القرن ( 5 هـ / 11 م ) على أرضها ، من ضياع، مثل خسارة علمية كبيرة ، فوتت علينا الكثير من الروايات التاريخية التي حفظها لنا هذا المؤرخ الكبير . لم يصل إلينا مما دونه ابن حيان عن تاريخ بلده الأندلس الغزير إلا القليل ، فمن كتابه "المقتبس" غير على خمس قطع منه تم تحقيقها ودراستها من قبل عدة علماء أجلاء ، عرب ومستشرقون، أما كتاب "المتين" فلم يصل إلينا منه إلا نقولات مبعثرة - لكنها ثمينة ـ ، أودعها ناقلوها في بطون ومتون كتبهم التي ألفوها بعد سنوات من وفاة ابن حيان ، وبعد أن انقضت سنوات الاضطراب. يتناول الكتاب أحداث مهمة في التاريخ الاندلسي منها الدولة العامرية وعهد الفتنة البربرية ٣٩٩- ٤٢٢ هـ مع دولة بنو حمود ودلة بنو جهور وعهد الطوائف والإمارات التي حكمت خلال ذلك العهد وغيرها من الإحداث التي دونها المؤرخ العريق الذي عاش وسط تلك الاحداث