ثلج
تطرح رواية "ثلج" قضايا التعصب الديني والصراع بين النظام السياسي ممثلا بالجيش والاستخبارات وبين الجماعات الإسلامية، ويتهم باموك بجرأة الجيش والاستخبارات بافتعال الأحداث المنسوبة إلى الجماعات الإسلامية، واختراق هذه الجماعات واستدراجها إلى العنف لتبرير أعمال القمع والاعتقال والتوتر.
وانقساما حادا في المجتمع والدولة بل وفي داخل الأسرة الواحدة، فقد كان المجتمع التركي والأسر والأفراد يطور حالة تعايش مع موجة التدين.
وكانت هذه الحالة مصدرا لرواية باموك "ثلج" فانطلق منها جاعلا روايته حول أسرة تتكون من أب يساري سابق، وابنتين إحداهما محجبة، والأخرى تكشف عن شعرها، وكانت زوجة لأحد القادة المحليين في حزب الرفاه، وهي أيضا صديقة وزميلة للشاعر كا الذي عاد إلى اسمبول بعد هجرة دامت اثني عشر عاما، وأوفدته الصحيفة التي يعمل فيها في اسطمبول إلى قارس لمتابعة قصة الفتيات المحجبات اللواتي ينتحرن.
في رواية ثلج ستجد أجمل من السياسة برغم الجدل السياسي الذي أثارته، تلك المشاهد المتشابكة والكثيرة جدا، عن الهوية والأفكار والتاريخ والذكريات والبؤس في مدينة قارس الجبلية الرابضة فوق قمة أناضولية تحت الثلج، والتي تبدو رغم صغرها متاهة عالمية ووطنية معقدة من العوالم والأفكار والأحداث، الطلاب المتشددون والمتطلعون إلى مثاليات أقرب إلى المستحيل، والفقراء، والأكراد المنشقون، وبقايا وشواهد التاريخ الأرمني في المدينة، الكاتدرائية المهجورة، وعيون الليل وزوار الفجر، والبيوت التي تتدفأ بكهرباء لا تطالها عدادات الفواتير، وأجهزة تلفاز مفتوحة طوال اليوم، ولكن بصوت مغلق.
الكتابة هي "عزاء الروح" أو هي الوجود، بالنسبة إلى الكاتب، هذه هي الطريقة التي يُعرّف فيها نفسه باموك في إيجاز شديد، حتى وإن كانت الكتابة نوعاً من التعبير عن الذات والحب.
إبراهيم غرايبة
لا يوجد مراجعات