برج العذراء
"في الحمام وهو تحت الدش فكّر أنه من الأفضل له عدم الذهاب إلى برج العذراء. على الأقل لعدّة أيام، ولو طالت يكون أحسن، أسعد سعيد مريض بالسرطان ويبدو من الألم الذي ينتابه أنه سيهلك وحده… ثلاثة أيام بعد ذلك ظلّ يحلم حلماً واحداً. يدخل إلى مسرح كبير فيه كل نجوم الكوميديا فيراهم معلقين على ستارة المسرح الكبيرة صاعدين هابطين كالحشرات والجمهور صاخب بالضحك، ثم يمشي في طرقة طويلة مفروشة كلها بضفادع تضحك. حلم لم يفهم مغزاه أبداً. وفكّر في انقطاع البنات عن الحضور إلى مكتبه، وأنه لم يستقر على سكرتيرة منهن، وأنهن أخذن منه نقوداً كثيرة واختفين.. وتذكر أنه لم يقرأ بعد قصّة الممثلة إحسان، وكانت صحف الأيام السابقة ملقاة بإهمال على المكتب فجلس يقرأ بعض صفحاتها.. اغتيال الفنانة إحسان على يد مجهول.. عنوان كبير في الصفحة الأولى... هذا أول حادث من نوعه لممثلة. لقد أصدرت أكثر من جماعة إرهابية أنها ليست لها علاقة بالعملية. من يستطيع أن يحلّ اللغز... ارتدى ملابسه وأخذ طريقة إلى برج العذراء. عندما وصل برج العذراء كان في نيته أن يجلس وحده، خاصة أن الوقت نهار. إنه يفكر هل يجد حلاً للغز موت إحسان في رسالتها، هل لو فتح الرسالة ووجد فيها شيئاً يفيد التحقيق سيقدمه للبوليس… وإذا قدمه، أفلا يجرّ عليه المتاعب؟".
الحياة بمفارقاتها يسحبها إبراهيم عبد المجيد إلى روائية "برج العذراء" يفرق الروائي القارئ في دوامة أحداث أبطالها شخصيات نسجها الكاتب من وحي الواقع. يشمئز القارئ من بعضها، وتعجبه أخرى في نمطية تفكيرها، ويأخذ على بعضها الآخر فلسفتها الحياتية التي تستبيح المحرم، وتستسهل الحرام. صور يصدّرها الروائي ناطقة بأزمات تعانيها بعض المجتمعات وبالأحرى فئات وطبقات معينة في المجتمع الواحد. وإلى هذا فالروائي نجح إلى حدّ كبير في التعبير عنها بلغتها وأفكارها وبما يعجب القارئ أحياناً، وبما يثير فيه الغضب أحاييناً، وبما يحققه ويشمئز منه في معظم الأحيان.
لا يوجد مراجعات