المعبود
-ألا يدري سيدي المدير العام أن الحرمان من الأوراق الثبوتية هو حرمانٌ من هويّة، والحرمانُ من هوية هو حرمانٌ من وجودٍ قيد الوجود؟
هبّ ولي الأمر:
-مهلًا مهلًا! لستُ مخولًا أن أحقّق وجود مَن لا يريد أن يوجد، لستُ هنا ربّ اربابٍ حتى أنفخ في الأشباح روحًا، إذا كانت هذهِ الأشباح لا تنوي أن تتنازل عن هويتها كأشباح. وأنت تعلم، أيها المستشار، كما يعلم الجميع، أن من تنفّسَ هواء الصحراء لن يستمرئ أن يحيا خارجها، لأن نعيمه أن يضيّع نفسه، لا أن يحييها، نعيمه أن يفقد نفسه، لأن ما يُسمّيه هو حريّةً، هو في منطق واقعنا مِيتة! ميتةٌ حرفيّة. فكيف تريدني أن أُحيي أناسًا أرادوا أن يكونوا ظلالًا، أشباحًا، أمواتًا، وإن دبّوا في الأرض على قدمين، إذا كانوا القانون يقول إنّ الأوراق الثبوتية هي من نصيب الأحياء، لا الأموات؟
كان يلهث في مرافعته الجنونيّة عندما سكت، تناول جرعة ماء قبل أن يواصل:
-الأجدر بي أن أستخرج لهؤلاء شهادات وفاة، لا شهادة ميلاد!
لا يوجد مراجعات