سأسر بأمري لخلاني الفصول
كنت أغالب جرحًا أسوأ من جرح حبل المسد. أقاوم وجعًا أعظم سلطانًا من وجع البدن، وجع الإنسان الذي وُلد للتو، فجرحه الميلاد، جرحه الخروج، جرحه الانبثاق، جرحه فقدان الأمل، فصار كفرخ الطير الذي سقط من العش المعلق في الأعالي قبل الآوان، فعجز عن النجاة، عجز عن الطيران، لأنه فرّ من العش قبل أن يقوى فيه الجناح، وقبل أن يمتلك القدرة على الطيران. لا يعجز الشقي عن الطيران وحسب، بل إنه لا يستطيع العودة إلى الوراء أيضًا. لا يستطيع العودة إلى العش معتمدًا على نفسه، كما لا يستطيع العودة إلى العش معتمدًا على أغيار الطير، أو حتى على الوالدين. سيصير الشقي وحيدًا، مهجورًا، عاجزًا في وطنٍ تسكنه الأهوال، في وطن تسكنه الحيّات. في وطن لم ينجُ به كائنٌ من شر الحيّات. فأي طمعٍ لمخلوق كهذا من كيد الحيّات؟ كيف أطمع بعد انبثاقي، بعد خروجي، بعد ولادتي، في النجاة من بطش الحيّات؟
لا يوجد مراجعات