أدونيس الحوارات الكاملة ٣
قل لي أيها الشاعر، كيف تنظر إلى المرأة، أقل لك ما شعرك. فالمسألة، بالنسبة إليَ، هي أولا لا هذه النظرة. إذا نظرنا إلى المرأة من حيث هي موضوع للحب أو الجنس أو اللذة، فإن الكتابة عنها بهذه النظرة ستكون مجرد وصف أو مجرد تعبير - إما عن اللهفة والشوق، وإما عن الاكتفاء، وإما عن الحرمان وقيوده، أي أن الكتابة ستكون إعادة إنتاج للراهن المعيش. والشاعر في ذلك لا يكتب عن المرأة بقدر ما يكتب عن أحواله هو، في كل ما يتعلق بها. وتبقى المرأة بما هي كيانيًّا في عوالمها الخاصة، بعيدة وغريبة. ثم، ألا يغني فعل الحب، جماليًّا وحياتيًّا، عن قوله؟
وأعظم ما يقال عن هذا الفعل - ألا يظل ثانويًّا، قياسًا إلى الفعل ذاته؟ أما إذا نظر الشاعر إلى المرأة، لا بوصفها موضوعًا بل بوصفها الوجه الآخر لذاتيته، والبعد الكينوني الذي لا يكتمل وجوده إلا به، فإنه حينذاك لا يكتب عنها، وإنما يكتب بها، ومعها، وفيها، ومنها تكون المرأة دمًا آخر في دمه، وضوءًا آخر في القنديل الذي يرى به إلى العالم وأشيائه. تكون ذاتًا في ذاته - وَلهًا، وتساؤلًا ، وبحثًا، وسيرًا في مجهول الكون. ويكونان معًا أفقًا بلا حد، لجدل الأنا والآخر، )الأنا في الآخر والآخر في الأنا(، المعلوم والمجهول، الحياة والموت.
أدونيس، في حواره مع عزيزة السبيني، المحرر نيوز (4-10.تموز/يوليو.1998)
لا يوجد مراجعات