وحده المَنْسَخ - أو النَّسوُخة حسبما أسماه آل موري تدليلًا، ويعرّفه معجم موري بأنه: «حجرة داخل دير، مُخصصة لنسخ المخطوطات» - اختفى. ربما ليس بالأمر المفاجئ، حيث لم يوجد أحد -حتى خلال الحقبة الڤكتورية- راقت له كثيرًا تلك الحجيرة المشيدة من الصلب والصفيح المجلفن، ومساحته 15X15 قدم، ونصب داخل الحديقة الخلفية.

معظمنا لا يكتب من أجل الثراء. إنما نحمل في داخلنا شغفًا عميقًا وعنيفًا يدفعنا لترجمة خيالنا وذكرياتنا إلى كلمات على الصفحة. نُخطئ في أغلب الأحيان، مما يثير فينا إدمان المحاولة المستمرة، سعيًا للوصول إلى الصواب.

لكل شخص حكاية، أحياناً ما تكون مثيرة للاهتمام وأحياناً ما تعترض طريقك. اصنع قصتك الخاصة. لا تفترض أنه وبسبب تحقيق شخصٍ ما قدراً من النجاح، فإن بإمكانه أن يملي عليك ما تفعله.

خولة التي تكره "التصابي والتأمرك"، قد تكون صاحبة الرواية أو أياً من الكويتيّات اللواتي تسكنهن نوستالجيا إلى زمن كنّ فيه رياديّات الحداثة كما بلادها التي ابتليت بغزو عسكري من جار عربي، تلاه غزو فكري غربي قوبل بآخر مستورد من فريق يمتطي الدين لزيادة شعبيته.

بالنسبة لي، كانت الكتب كائنات شبه حية تتكاثر باستمرار وتوسع حدودها. على الرغم من التنقلات المتكررة، شعرتُ بالراحة بفضل كل تلك الكتب التي تحميني. قبل أن أكون أي أصدقاء في أحياء غريبة، كانت الكتب ترافقني كل ظهيرة.

على أنني، قبل أن أقرأ للقوم، وبعدَها، التزمتُ درسَ المعري والمتنبي وبشَّار وأبي تمام وأبي نؤاس والبُحتري، بمقدار ما التمستُ شوقي والجواهري والسيَّاب وسعدي وأنسي ونزار وأدونيس وبدوي الجبل... وبسَّام.

قبل أن أبدأ في كتابة رواية، غالبًا ما أمرّ بسنوات من الإلهام تتراكم فيها الأفكار واحدة فوق الأخرى، حتى تتطور تدريجياً إلى شكل واضح. هذا أيضًا ما كان عليه الحال مع «دروس إغريقية». جاءت لحظة الإلهام الأولى لهذا الكتاب عندما كنت أتناول الشاي مع ناشر في أوائل ربيع عام 2002.

خلف تلك الغرفة توجد السلالم، وهي تواجه الباب الأماميَّ، وغرفة الطعام التي تطلُّ على الحديقة الخلفية، كم بدت فسيحةً عندي في ذلك الوقت. كلُّ البيت يبدو كبيرًا وواسعًا في عيني الطفل.