يوليسيس - الجزء الثالث
يكمل المترجم عمله في ترجمة يوليسيس بإكماله الحلقة الثالثة عشرة والرابعة عشرة والخامسة عشرة مزودة بأكثر من ألفي هامش، وهو يقول بأن الشرك الحقيقي يكمن في الحلقة الخامسة عشرة، فهي في نظر الكثيرين من النقاد الجويسيين (جيمس جويس) أصعب الحلقات طرّاً؛ وبها تبدأ الرواية؛ كذا ظنّ بعض النقاد، ففيها حاكى جويس أكثر من دزينة من الأساليب النثرية بدأها بالمؤرخون اللاتين من أمثال سالسوت وتاسبتوس من دون أن يجعل محاكاته إنكليزية؛ ثم حاكى المؤرخين اللاتين في العصور الوسطى وجعلها تشبه نفسها، أي لا علاقة لها بالإنكليزية.
لينتقل بعد ذلك إلى الأنكلوساكسونية، فالنثر الإنكليزي في العصور الوسطى، فأشهر الكتاب الإنكليز من مختلف العصور إلى جون رسكن، وتوماس كارلايل، مضيفاً بأن موثقة جويس اللغوية هنا احتوت اللغات؛ السنسكريتية والعبرية و"الغالية" والألمانية والفرنسية والأسبانية والكلمات المهجورة في العامية الإيرلندية والأمريكية والفرنسية وعامية شرقي لندن المعروفة بإسم "الكوكني، Cockney".
بالإضافة إلى منحوتاته، حتى أنه صاغ من الحروف أصواتاً موسيقية لتصوير ثلاثة مساقط مائية وفي كل مرة تختلف الموسيقى بإختلاف توزيع الحروف وكأنها نوتات موسيقية لتصوير ثلاثة مساقط مائية وفي كل مرة تختلف الموسيقى بإختلاف توزيع الحروف وكأنها نوتات موسيقية، في الحلقة الخامسة عشرة، وهي أطول حلقة في الرواية، ينهض جويس بالعبقرية إلى تخوم جنونية ليس هناك أكثر حكمة وثقافة مثلها، في أي كتاب آخر... وكأن انفلت الذهن من عقاله، فلا فرق بين الرواية والمسرحية.
بالفعل أصبحت الرواية مسرحية نطّق فيها جويس شتى الجمادات والحيوانات، القنقذ شجر الطقسوس، المعزاة، القلنسوة، الأساور، حتى الصابونة تتحاوره في هذه الحلقة يرى القارئ أمامه على المسرح كيف يمسخ الإنسان، رجل يستحيل إلى إمرأة... إمرأة تصبح رجلاً... فنتازيا من الجنيات الدفينة أكثر واقعية من الواقع... واقع لا يشبه حتى نفسه.
أسهل ما في هذه الحلقة هو الدخول إليها، وأصعب ما فيها الخروج منها، تيّار الوعي الجويسي في أقصى جموحه يتنقل بعفوية من البوذية والثوراة والإنجيل، من الفلسفة الأغريقية، من الماخور، من علم الفلك، من التنجيم، من الأوبرا والشعر والمسرح، من علم الطبابة وسباقات الخيول، من علم الأجنة، والقابلات، والمومسات ومجلس النواب من... من... من... إلى... وبلمح البصر تجوّز الأزمنة؛ وبقاعاً مواتاً عادت مترعة كأنها حافة تدفقت من جديد.
نبذة الناشر:
"ملحمة القرن العشرين" هذه، كما سمّيت، في غاية الصعوبة، ومغاليقها مستغلقى لدرجة اليأس والإحباط وانقطاع النفس مرة بعد مرة. العزاء الوحيد أن القارىء الإنكليزي ليس أكثر خطأ.
لتكن هذه الرواية – الأعجوبة، امتحاناً لقدراتك على الصبر والجلد، ومحكاً لقابلية إصغائك الكامل وبكل الجوارح والحواس، إنها مثل مراقبة نمو نبتة. عملية بطيئة بلا شك، أي أنك لا تستطيع أن تقرأها دفعة واحدة أو بدفعات كبار فتصاب بالتخمة. لا مفر من التعامل مع هذه الرواية، على أنها مركبات أدوية، الإكثار منها يؤدي إلى عطبك. قراءة مقطع، التأمّل فيه، التمعّن في أبعاده، ثم إعادة قراءته مرات ومرات. لا يمكن الإنتقال إلى مقطع آخر من دون التأكد من هضم المقطع الأول وتمثّله، أي أن هذه الرواية تتطلب تغييراً أساسياً في العادات التي تعوّدناها في القراءة سابقاً. لا بد للقارىء الذي وطن نفسه على قراءتها من تخصيص وقت ينقطع فيه إليها انقطاعاً كاملاً، كما لا بد له من الإطلاع على أوديسة هوميروس، بالدرجة الأولى وعلى التوراة والإنجيل، وقصص “DUBLINERS” القصيرة لجيمس جويس نفسه.
لا يوجد مراجعات