الصورة والأحداث الزائفة
عندمـا ظـهـر هـذا الكتاب للمرة الأولى منذ ربع قرن مضى، كان التلفزيون لا يزال يتمتع بسحر الحداثـة، وكانـت العـلاقـات العـامـة فـي سبيلها لأن تصبح واحـدة مـن أهـم الـقـوى تأثيرا فـي الحياة الأمريكية. لم تكـن كلمـة "الصـورة" قـد صـارت كليشيه بعـد، وكان الكتـاب هـو استكشافي الخـاص للتغيرات الجسيمة فـي الـرؤيـة الأمريكيـة لـلـواقـع. وفي الوقت نفسه، عززت تكنولوجيتنا الاتجاهات الموضحـة فـي الكتاب. فهل هناك أي تقدم تكنولوجـي لـم يضاعــف مـن الأحـداث الزائفة ويفعلهـا؟ هـل هـنـاك أي تقـدم فـي الـنـقـل لـم يـمـحُ الـفـرق بـيـن الـنـقـل والاتصالات؟ كل يوم تحـل رؤيـة وسماع مـا يحـدث هناك، مـحـل الـوجـود فعليًا هنا. ومع ذلك، فأنا لا أعـرف حـقـا مـا المقصـود مـن كـتابـي لا سيما اليـوم وقـد غـيـَّم عـلـى رؤيتـي لمـا فـعـلـتـه مـثـلـي مـثـل أي شخص آخـر، طمـس الـفـروق بيـن الـصـورة والواقع، وهـو الاضطراب الـذي يـطـلـق عـلـيـه أطبـاء الـعـيـون ازدواجيـة الـرؤيـة. وإنهـا لشهادة عادلـة لهذا الكتاب أنـه لا يزال يحير ويستفز ويسـلـي بعـض الـقـوم، ومقدمتـي هـذه للطبعـة الصادرة بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لصدور الكتاب، بتشديدها علـى شـهرة الكتاب، ليسـت سـوى دليـل آخـر عـلـى صعوبة إفلات أي منـا مـن الشغف بالأحـداث الزائفـة التـي تسارعت، وستظل تتسارع فـي المستقبل المنظور. (دانيال ج. بورستين)
لا يوجد مراجعات