بريد الذكريات
حين قرأ غابرييل غارسيا ماركيز رسائل إيما رييس، التي روَت فيها أغرب وأجمل حكايات الطفولة والصبا لأحد أصدقائها المقربين، افتتن صاحبُ نوبل بقلم الفنانة الكولومبية إلى حدٍّ جعله يتَّصل بها مُعبِّرًا عن شديد إعجابه. فما كان منها إلَّا أن غضبَت من صديقهما المشترك، اعتقادًا منها بأنه قد خرق اتفاق الخصوصية الضمني بينهما حين أطلع غارسيا ماركيز على رسائلها، وامتنعَت عن مكاتبته لأكثر من عشرين عامًا. غير أنها استأنفَت المراسلة في أواخر القرن الماضي، ووافقتَ على نشر رسائلها بعد طول ممانعة، شريطة أن تُرصَد عائدات هذا الكتاب لإحدى دور الأيتام.
صدر «بريد الذكريات» لأول مرة عامَ 2012، فقُوبِل بحفاوة غامرة، واختير كتابَ العام في كولومبيا، وتُرجِم إلى عدد كبير من اللغات. بل إن وجود هذا العمل في حدِّ ذاته وكل ما يمتّ إليه بصلة استثنائي ومذهل، ولا سيما كاتبته، تلك الحكَّاءة البارعة التي لم تتعلَّم الكتابة والقراءة حتى طورٍ مُتأخِّر من حياتها، والفنانة التشكيلية التي ظلَّت حبيسةً في دير للراهبات حتى الثامنة عشرة مِن العمر تقريبًا. ولعلَّ البراءة التي ترسم بها إيما مشاهد طفولتها هي السمة التي تجعل رسائلها على هذا القدر من الاستثنائية، ذلك أنها ما زالت ترى بعينَيّ الطفلة الصغيرة التي كانتها، بكل ما لها من دهشة وعفوية.
المترجم






























الرئيسية
فلتر
لا يوجد مراجعات