الحدقي
بين الراهن والماضي، والجاهز والمبتدع، مسافةٌ شاسعةٌ، تقلّصها هذه الرواية حتّى يغدو الحاضر توأم الماضي، والشخصيّة الضاربة في التاريخ مرآةً للشخصيّة المقيمة في لحظتنا المعاصرة.
هل تتحدّد قيمة المرء بذاته، بالهويّة التي ينحتها لنفسه، وبالمسار النازف في الصخر الّذي يختطّه لقدميْه، أم تتحدّد قيمة المرء بسلالته، بالهويّة الجاهزة سلفاً والطرق التي عبّدها أسلافه لخطاء المرتبكة؟...
كاتبٌ وعلاقةٌ من عاملات الفكر العربيّ في القرنين الثاني والثالث الهجريين، هو أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، ومدقّق لغويٌّ في قناة إخباريّة من هذا الزمان، يجمعهما القدّر نفسُه والمصيرُ نفسُه لفرط إهتمامهما بالتفاصيل في عالمٍ لا يأبه لغير الكليّ من الأفكار والشموليّ من التصوّرات، وبذلك يصير الجحوظ الحسيّ جحوظاً نفسيّاً ومعرفيّاً في آنٍ واحدٍ، ويصبح الحُلم بالتغيير شذوذاً يُحفظ ولا يُقاس عليه.
هذا العمل يحطم نرجسيتنا بالإقرار بأننا في اللحظة الحاضرة لسنا أوفر حظّاً ولا أعظم أداء وفاعلية من أسلافنا على الرغم من تقدّمنا في الزمن وإطّلاعنا على أحدث المعارف... إنما نحن تكرار مقصود لأصل متجذر.
لا يوجد مراجعات