الموجة السوداء: المملكة العربية السعودية وإيران وصراع الأربعين عاما الذي بدد الثقافة والدين
ماذا حدث لنا؟"، إنه السؤال الذي يطاردنا نحن مواطني العالم العربي والإسلامي، نعيده على أنفسنا ونكرره وكأنه بات شعارنا. إنه السؤال ذاته، يتردد من إيران إلى سوريا ومن السعودية إلى باكستان، وكذلك في موطني لبنان. هذا الكتاب، وإن كان يسافر إلى الماضي، فإنه غير مدفوع بالحزن والحنين لعصر ذهبي أو زمن جميل. إن هدفي منه هو محاولة فهم متى ولماذا بدأت الأمور بالانهيار؟ وما الذي خسرناه تدريجياً، بداية ببطء، ولاحقاً بقوة غير متوقعة؟
لقد قادني سعيي للبحث عن إجابة عن سؤال "ماذا حدث لنا؟" إلى العام ۱۹۷۹ المشؤوم. ففي ذلك العام وقعت ثلاثة أحداث كبرى مختلفة ومستقلة نوعاً ما عن بعضها البعض الثورة الإيرانية، وحصار متزمتين سعوديين للحرم المكي، المقدس لدى المسلمين والاجتياح السوفياتي لأفغانستان، الذي مثل أول معركة جهاد في العصر الحديث، بدعم من الولايات المتحدة. كان لاجتماع هذه الأحداث مفعول سام غير مجرى الأمور بشكل قطعي وأفضى إلى ولادة الصراع السعودي الإيراني الذي تمثل بمنافسة مدمرة على قيادة العالم الإسلامي.
هذا هو الثابت منذ عام ۱۹۷۹ . إنه السيل الذي يجرف كل شيء يقع على طريقه. هذا العام، والعقود الأربعة التي تلته هي فحوى هذا الكتاب. لقد ذهبت المنافسة السعودية الإيرانية إلى ما هو أبعد من الجغرافيا السياسية، لتنحدر إلى تنافس غير مسبوق على الشرعية الإسلامية من خلال الهيمنة الدينية والثقافية، أودى إلى تغيير مجتمعات من الداخل - ليس فقط في المملكة العربية السعودية وإيران، بل في مختلف أنحاء المنطقة.
لا يوجد مراجعات