بعد الليبرالية
لست أحاول أن أرسم هنا صورة شديدة القتامة، ولست أحاول أن أجعلها وردية اللون؛ غير أنني أومن أنَّ حقبة «بعد الليبرالية» هي حقبةُ نضال سياسي كبرى؛ أكثر أهمية وأكثر أصالة من أية حقبة أخرى مرَّت بنا في غضون السنوات الخمسمائة المنصرمة؛ ذلك أنني أرى القوى التي تُفيد من الامتيازات مُدركةً تمام الإدراك أن «كلَّ شيء يجب أن يتغير؛ حتى لا يتغير شيء»، وهي تسعى في سبيل ذلك بكلِّ ما أُوتيت من حذق وبراعة.
وأرى قوى التحرُّر وقد تقطَّعت أنفاسها، بالمعنى الحَرفي للكلمة، حين أبصرت اللَّاجدوى التاريخية لمشروعها السياسي الذي أنفقت فيه نحوًا من مئة وخمسين عامًا من النضال؛ أعني مشروع التحول الاجتماعي المتأتِّي من طريق حيازة سُلطة الدولة؛ دولة تلو الأخرى. كما أنها ليست تبدو واثقةً من وجود مشروع بديل. أمَّا إخفاق المشروع آنف الذِّكر، بل إخفاق إستراتيجية اليسار العالمي في الأساس؛ إنما كان لأنهما أُشربا الأيديولوجيا الليبرالية واصطبغا بصبغتها، حتى في أكثر صيغها غير الليبرالية «الثورية» -زعموا- كاللينينية. وإلى أن تتضح حقيقة ما حدث بين عامي ١٧٨٩ و١٩٨٩؛ لن يكون هناك مشروع تحرُّري يقبله العقل في القرن الحادي والعشرين.
يتناول كتاب "بعد الليبرالية" التحولات السياسية والاقتصادية التي شهدها العالم في العقود الأخيرة، مُقدماً قراءة عميقة تعكس الصراعات والأزمات التي تعاني منها الحركات التحررية. الكاتب لا يسعى إلى رسم صورة قاتمة أو وردية للواقع، بل يبين أن الحقبة الحالية تشكل مرحلة نضال سياسي عظيم تُعتبر أكثر أهمية وأكثر أصالة من أي مرحلة أخرى مرّت بها المجتمعات طوال الخمسمائة سنة الماضية.
يستكشف الكاتب كيف أن القوى المستفيدة من الامتيازات تدرك تمامًا ضرورة التغيير، مع ضمان أن "كل شيء يجب أن يتغير؛ حتى لا يتغير شيء"، مما يُشير إلى السعي المستمر لتعويم مفاهيم قديمة في قوالب جديدة.
كما يتناول الكتاب معانات قوى التحرر التي أدركت الفشل التاريخي لمشاريعها التي سعت لتحقيقها عبر حيازة السلطة، وكيف أن النضال منذ 150 عامًا قد لا يُسفر عن النتائج التي كانت تُحتسب. ينتقد الكاتب أيضًا كيف أن مشروع اليسار العالمي تم استهلاكه بالأيديولوجيا الليبرالية، حتى أن تعبيراته الثورية لم تكن سوى تقليد لأفكار الليبرالية.
لماذا هذا الكتاب:
- رؤية نقدية: يقدم تحليلًا عميقًا حول القوى الاجتماعية والتغيرات السياسية في عالم ما بعد الليبرالية.
- نقاش فكرى: يُفتح النقاش حول معاني التغيير والهوية السياسية في القرن الحادي والعشرين.
- ذات صلة: يُعزز الفهم للقضايا المعاصرة ويتناول مناقشات حيوية حول مفاهيم الحريات والتحرر.
مناسب لـ: الطلاب، الأكاديميين، والباحثين في مجالات العلوم السياسية، الفلسفة، وعلم الاجتماع.
لا يوجد مراجعات